ليس التاريخ الفلسطيني تاريخاً عادياً، ولا يشبه تاريخ أي بلدٍ آخر، فكل ما جرى للفلسطينيين بعد 1948 هو خارج الزمن الطبيعي، تماماً كما هم الفلسطينيون خارج البلد الطبيعي ويعيشون بشكلٍ دائم تحت رحمة “المؤقت”.
أبرز الروايات عن القضية الفلسطينية
1- باب الشمس – إلياس خوري
ينسج اللبناني إلياس خوري من الحكايات الشخصية للفلسطينيين مادة روايته، في صرحٍ تتداخل فيه حكايات شخصياته ويضيء بعضها بعضاً.
وإذا كانت الحكاية الأساسية في الرواية تتمركز حول يونس، الذي يرقد في مستشفى الجليل فاقداً وعيه، فإن حكاية الراوي نفسه وحكايات أم حسن وعدنان أبو عودة ودنيا وأهالي مخيم شاتيلا لا تقلّ أهمية.
تشدّ الحكاية الأساسية الحكايات الأخرى، التي يقوم الكاتب بتضمينها في قصة يونس الأسدي وتوزيعها على مدار الرواية، للوصول في النهاية إلى لحظة الموت والصعود إلى الأعلى، إلى لحظة الهزيمة أمام التاريخ.
بقدر ما تمتاز رواية “باب الشمس” ببساطتها، فإنها تنطوي على الكثير من الدلالات. فيونس في غيبوبته واسمه وحكايته هو استعارة واضحة للنبي يونس الذي عاش في بطن الحوت. وعزيز أيوب، الذي حرس الشجرة 20 عاماً وكلّم أغصانها، هو استعارة أخرى لقصة النبي أيوب. وهناك أيضاً أسماء أخرى في الرواية، مثل: عين الزيتون، وإبراهيم، ترمز إلى التاريخ الفلسطيني.
لكتابة “باب الشمس” وما حصل بالفعل عام 1948، كان لا بدّ للكاتب إلياس خوري من الاستماع إلى أهالي المخيمات في لبنان، لجمع ما يكفي من معلومات ووقائع عاشوها. وقد تطلب ذلك عملاً كثيراً من خوري، غير البعيد عن المخيمات، كما يصف نفسه.
لا نبالغ لو قلنا إنها من أجمل الروايات عن القضية الفلسطينية، وهي موجودة ضمن قائمة اتحاد الكتاب العرب عن أفضل 100 رواية عربية، وقد تحوّلت إلى فيلمٍ سينمائي عام 2004 بعنوان “باب الشمس، الرحيل والعودة” من إخراج وكتابة وسيناريو يسري نصر الله، وبطولة: باسل خياط، نادرة عمران، عروة نيربية، باسم سمرة، محمد حداقي، وغيرهم.
منذ وقتٍ مبكر، حفر غسان كنفاني اسمه في أدب المقاومة الفلسطينية؛ فرغم اغتياله ووفاته في وقتٍ مبكر، كان حريصاً على التعبير عن المقاومة الفلسطينية، وكانت له كتابات نقدية وأدبية لا نغالي في القول إنها ساهمت في رفع وعي أجيالٍ كثيرة.
في روايته “عائد إلى حيفا”، يترك سعيد وصفية بيتهما في حيفا أثناء نكبة 1948 بشكلٍ قسري، ليعودا إليه بعد 20 عاماً لأنهما تركا ابنهما خلدون. فتكون الصدمة قوية حين يدركان أن خلدون كبر بين جنود الاحتلال، فيخسر الأب أرضه وابنه.
رواية قصيرة وموجزة، لكنها نوعٌ من المحاكمة للذات من خلال إعادة النظر في مفهومَي العودة والوطن، ومن دون شك تعبّر عن واحدة من أكبر مآسي فلسطينيي 48، وما يتعرضون له من طمسٍ للهوية.
تلك الهوية التي تضيع بين قرابة الدم وانتماء التربية، فماذا لو وُلد المرء فلسطينياً، لكنه تربّى وسط أسرة يهودية وتعلّم في مدارس إسرائيلية، ثم خدم في الجيش الإسرائيلي؟ هل سيبقى فلسطينياً، أم يصبح إسرائيلياً؟ وهل الهوية مكتسبة، أم هي انتماء وتربية؟
حظيت رواية “عائد إلى حيفا” باهتمامٍ كبير بين المسرح والتلفزيون والسينما، وكانت ملهمة لأعمالٍ كثيرة، أبرزها مسرحية “عائد إلى حيفا” من إخراج اللبنانية لينا أبيض (2010)، ومسلسل بالعنوان نفسه من إخراج باسل الخطيب (2004)، وعدد من الأفلام السينمائية.