متحف مولانا أيقونة تاريخية وروحانية
نشر بتاريخ: 28 مارس 2023 الساعة 08:47 صباحًا المشاهدات:
165 مشاهدة

تعرف قونيا بمدينة مولانا نسبة للشاعر والفقيه المتصوف جلال الدين الرومي، وتستقطب المدينة الواقعة في وسط تركيا سنويا مئات الآلاف من السياح الباحثين عن آثار الرومي والساعين إلى اقتفاء يومياته.

ولد جلال الدين الرومي في ما تعرف بأفغانستان حاليا وتحديدا في مدينة بلخ، التي هاجرت منها أسرته إلى بغداد ومنها لبلاد الشام والحجاز حتى استقر به المقام في منطقة الأناضول حيث عاش حياته وتوفي عام 1273م خلال عهد الدولة السلجوقية.

 

 

مدينة مولانا

يقول أستاذ التاريخ بجامعة نجم الدين أربكان في قونيا بكير بشير إن “مولانا قبل كل شيء عالم كبير، ثم شاعر ومفكر وفنان، وقد جذب انتباه الناس والسياسيين منذ وصوله إلى قونيا، ومع الوقت أصبح لديه عدد كبير من المريدين والمحبين”.

وأضاف “أصبح مولانا عبر التاريخ يمثل مدينة قونيا بأفكاره وفنه وآثاره، ثم ولدت المولوية وانتشرت عبر العالم وأصبحت قونيا عاصمة لها”.

 

ويتابع “بفضل ترجمة أعمال مولانا إلى عديد من لغات العالم، أصبح شعره الأكثر قراءة في العالم، وأصبح الناس يأتون من كل أنحاء العالم قاصدين زيارة ضريح مولانا ومدينة قونيا. وهذا الأمر جعل من المدينة مركزا مهما للسياحة الدينية، وهي المكان الأكثر زيارة في تركيا بعد متحف طوب كابي، مما شكل مصدر دخل مهما للمدينة وجعلها ذات طابع روحاني”.

 

 

متحف مولانا

متحف مولانا، الذي كان لعدة قرون مركزا للتدريس والمقر الرئيسي لدراويش الطريقة الصوفية المولوية، أصبح الآن نقطة جذب سياحي مع قدوم الزوار كل عام لزيارته، خاصة وقت إحياء ذكرى وفاة الرومي التي تصادف 17 ديسمبر/كانون الأول، والتي يطلق عليها “ليلة العرس”، وتشهد قونيا فعاليات مختلفة خلال هذه الفترة التي تمتد لـ10 أيام تتضمن عديدا من المعارض التي تعرّف بالمتصوف الكبير، وتقام خلالها حفلات المولوية ويشارك فيها الجمهور.

 

وترك الرومي مؤلفات عدة ما بين منظوم ومنثور باللغة الفارسية، ومنها “ديوان شمس” و”مكاتيب”، و”فيه ما فيه”، و”المجالس السبعة” و”مثنوي معنوي” الذي يتضمن 26 ألف بيت.

ومع إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، سنة 2007 “عام مولانا”، انتشرت فلسفة “التسامح الرومي” بشكل كبير حول العالم. وعام 2016، نال المتحف لقب أكثر المتاحف زيارة على صعيد تركيا بمجموع زوار بلغ نحو 2.5 مليون، وانخفض عدد الزوار تأثرا بجائحة كورونا ثم عاد للارتفاع مجددا.

 

 

ضريح الرومي

ويشير بكير إلى أن مكان المتحف كان عبارة عن حديقة ورود خاصة بقصر السلاجقة، أهداها السلطان علاء الدين كيكوبات إلى والد جلال الدين الرومي سلطان العلماء بهاء الدين.

وأضاف بشير أنه “بعد وفاة سلطان العلماء يوم 12 فبراير/شباط 1231 دفن في مكانه الحالي، وبعدها جاء محبوه إلى مولانا وطلبوا منه أن يقيموا ضريحا فوق قبر والده سلطان العلماء، فرفض مولانا ذلك قائلا: وهل يوجد أفضل من قبة السماء ضريحا”.

وتابع “بعد وفاة مولانا تحول مكان الضريحين إلى مزار نتيجة جهود سلطان ولد نجل الرومي من أجل إبقاء ذكرى والده حية. وتم بناء الضريح المسمى القبة الخضراء بميزانية تقدر بـ130 ألف درهم سلجوقي من قبل المهندس المعماري بدر الدين التبريزي، ولم تنته أعمال البناء حتى نهاية القرن التاسع عشر”.

 

 

داخل المبنى الرئيسي وتحت القبة الخضراء يوجد قبر الرومي وعائلته وبعض طلابه. يقف الزوار أمامه ويقرؤون الفاتحة، ثم يكملون جولتهم لاستكشاف باقي مكونات المتحف، حيث يحتضن آثارا وكتبا عديدة تعود بالتاريخ للقرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، ومنها مثنوية جلال الدين الرومي مكتوبة بخط يد أحد الخطاطين من تلك الحقبة، فضلا عن آثار وأشعار وكتب عديدة.

المتحف يضم أيضا ملابس الرومي من جبة وأحزمة وعمامات ومختلف الأدوات التي كان يستخدمها.

وأكد بكر بشير “أنه وفق المعتقدات الإسلامية تكون القبور بسيطة وخالية من المظاهر، ومع ذلك فقد تم بناء عديد من الأضرحة من قبل الدراويش المنتسبين إلى الصوفية على مر التاريخ، لأن بناء الأضرحة هو من العادات والتقاليد وهو عربون وفاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الآثار تحمل سمات فنية كونها تشتمل على خصائص بارزة وجميلة. وقد تحول الضريح الذي يحمل سمات فنية وتاريخية ودينية مع الوقت إلى مكان يقصده الزوار”.

 

وكان المتحف يسمى سابقا، بـ”متحف العصور العتيقة بقونيا”، وتم تعديل اسمه سنة 1954 ليصبح “متحف مولانا”.

مشاركة
الكلمات الدلالية:
أخبار ذات صلة
© 2024 دربونة | جميع الحقوق محفوظة