بين خدمة المخطوطات والحفاظ على التراث الإسلامي.. وجوه مختلفة من مدرسة الاستشراقية الهولندية
نشر بتاريخ: 19 مارس 2023 الساعة 08:42 صباحًا المشاهدات:
540 مشاهدة

تعود العلاقة بين هولندا والعالم الإسلامي إلى ما قبل الحروب الصليبية (1095-1291)، عندما كان الحجاج الهولنديون يترددون على الأماكن المقدسة في فلسطين، ثم ازداد الاهتمام بالعالم الإسلامي حيث توافد عليه المستشرقون من كل أنحاء العالم لدراسته في سياق المشروعات الاستعمارية الأوروبية من البرتغال وإسبانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا.

 

وفي كتابه “مدرسة الاستشراق الهولندية ودورها في حفظ التراث الإسلامي المخطوط”، الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون (2022)، يسعى الكاتب حيدر قاسم مطر التميمي إلى إعادة النظر في الصورة النمطية السلبية للاستشراق، عبر شرح روايته عن الدور الذي لعبته مدرسة الاستشراق الهولندية في الاهتمام بالتراث العربي الإسلامي وحفظ بعض آثاره من الاندثار.

كما يرصد المؤلف دور عائلة “جوينبول” الهولندية الأرستقراطية في مجال الدراسات العربية والإسلامية، ويبين مقدار اهتمامها وعنايتها بالتراث العربي الإسلامي، وقد أنجبت تلك العائلة ستة مستشرقين مخضرمين وحفظت في مكتبتها مجموعة من المخطوطات الإسلامية الأصلية المهمة.

 

 

التطلع إلى الشرق.. تأصيل تاريخي

يتطرق المؤلف -في الفصل الأول من الكتاب- لأبرز معالم المدرسة الهولندية، من الجامعات والمؤسسات الفكرية والثقافية التي قدمت خدمات جلى للتراث العربي والإسلامي المخطوط. وتأتي في مقدمتها جامعة ليدن التي تأسست سنة 1575، لتبدأ الدراسات الاستشراقية فيها سنة 1591.

وبالمقابل، يعلق الأكاديمي الهولندي ريتشارد فان لوين المختص بتاريخ الشرق الأوسط والأدب العربي، قائلا “منذ سبعينيات القرن الماضي، تمت ترجمة الأدب العربي بطريقة أكثر منهجية، وظهرت عدة ترجمات للقرآن إلى الهولندية، وأول ترجمة لألف ليلة وليلة من العربية إلى الهولندية”.

 

 

توجّه استعماري

قدّمت المدرسة الاستشراقية الهولندية عبر رجالاتها إنجازات بحثية وعلمية في مجال دراسة اللغة العربية والحضارة الإسلامية. ويشير حيدر التميمي إلى أن الهولنديين منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وحتى الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، قدموا مشاريع بحثية جماعية، مثل: “الموسوعة الإسلامية” التي ترأس تحرير طبعتها الأولى البروفيسور مارتارين ثيودور هوتسما (1851-1943)، و”المعجم المفهرس” لألفاظ الحديث النبوي” للمستشرق الهولندي الكبير آرنت يان فنسنك (1882-1939).

وعن تميز المدرسة الهولندية، يقول التميمي “يمكن لنا أن نعد حرفة تحقيق المخطوط السمة الأبرز التي امتازت بها المدرسة الهولندية عن باقي مدارس الاستشراق الأوروبية”.

ويرى التميمي في كتابه أن دراسة اللغة العربية كانت من أجل فهم أفضل للغة العهد القديم (تفسير اللاهوت) من قبل المستشرقين الهولنديين، فيما يرى المستشرق ريتشارد لوين فان أن “المستشرقين البروتستانت تحدوا الجدل الكاثوليكي التقليدي ضد الإسلام، واعتبروا معرفة النصوص العربية والإسلامية أمرا حيويا لفهم حقيقي للإسلام ولحوار مع المسلمين حول القضايا الدينية”.

 

 

وأضاف فان “منذ البداية كان هناك عنصر جدلي بين المسيحيين في دراسة اللغة العربية والإسلام، لأنه حتى القرن السابع عشر احتكرت الكنيسة الكاثوليكية دراسة الإسلام واستندت إلى ترجمات ناقصة للقرآن تم إنتاجها في العصور الوسطى”. ويعرب المستشرق الهولندي عن اعتقاده بأن “البروتستانت بنوا شبكاتهم العلمية الخاصة وطوروا نهجا جديدا تجاه الإسلام، كان قائما على اهتمام أكثر موضوعية بالمصادر النصية”.

في المقابل، يبدي الأكاديمي حيدر التميمي معارضته، قائلا “يمكن اختزال التوجه العام لدى الأكاديميين والرحالة الهولنديين، بالتوجه الاستعماري الذي نشطت به هولندا مطلع العصور الأوروبية الوسطى، حتى بات التطلع إلى الشرق غاية كل مثقف ودارس حصيف”.

مشاركة
أخبار ذات صلة
© 2024 دربونة | جميع الحقوق محفوظة