عندما تزور مدنًا هولندية، يمكنك أن تتوقع رؤية القنوات المائية الفريدة والجسور التي تعلوها والشوارع التي تصطف على جانبي القنوات والمباني العريقة المبنية من الطوب، والعديد من الدراجات في كل مكان. لكن قد يفاجئك أحد التقاليد الحضرية الهولندية الفريدة من نوعها، إنه تقليد كتابة وعرض الشعر على جدران المدينة.
التقليد الهولندي يجلب قصائد الشعر بلغاتها الأصلية إلى الشوارع والجدران، ويعرض نصوصها على الملصقات أو اللوحات الإعلانية أو حتى يعرضها مدمجة في نسيج المباني. ويمكن أن تضيف أشكال التعبير الثقافي هذه سياقًا تاريخيًّا أو اجتماعيًّا إلى مشهد المدينة الهولندية، أو توفر إحساسًا عامًّا بالمجتمع وتضفي هوية ثقافية على المدن وسكانها، بحسب تقرير أدريان ميرفي، مدير مجموعات منصة يوروبانا (europeana) الثقافية.
يُعتقد أن هذا التقليد قد نشأ في السبعينيات من القرن العشرين، عندما بدأ الشعراء والفنانون في العاصمة الهولندية أمستردام في كتابة القصائد على جدران المدينة كوسيلة لجعل الشعر في متناول عامة الناس.
وانتشر تقليد شعر الجدران والحوائط من أمستردام إلى مدن أخرى في هولندا. ويمكن مشاهدة قصائد الجدران على مجموعة متنوعة من الأسطح، بما في ذلك الحوائط المبنية من الطوب وواجهات المحلات وحتى لافتات المرور.
وغالبا ما تُكتب القصائد باللغة الهولندية، ولكن يمكن أيضًا كتابتها بلغات أخرى.
في عام 1992، كانت ليدن أول مدينة تتبنى نهجًا رسميًّا تجاه تقليد كتابة الشعر في الشوارع. وعرضت المدينة أول قصيدة للشاعرة الروسية مارينا تسفيتايفا. وبحلول عام 2005، تم عرض أكثر من 100 قصيدة في شوارع ليدن، بما في ذلك أعمال ويليام شكسبير ولانغستون هيوز وبابلو نيرودا وسافو وويليام بتلر ييتس.
وتم كتابة العديد من القصائد لشعراء معروفين على جدران المباني، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للكُتاب والفنانين الطموحين لمشاركة أعمالهم مع الجمهور. ويدعم هذا التقليد عدد من المنظمات والمهرجانات في هولندا -مثل “أسبوع الشعر” (Poëzieweek) الذي يقام في شهري يناير/كانون الثاني، وفبراير/شباط، وهو جزء مهم من الثقافة الأدبية والفنية في البلاد.